اللهم إني أتبرأ من حولي وقوتي والتجأ إلى حولك وقوتك. اللهم أعني ولا تعن علي، وأنصرني ولا تنصر علي، واهدني ويسّر الهدى لي. اللهم افتح لنا باب رزقك وبارك لنا فيه.

سبب مقتل استشهاد الحسين بن علي معركة كربلاء عاشورا

سبب مقتل استشهاد الحسين بن علي معركة كربلاء عاشورا

قصة مقتل الحسين بن علي رضي الله عنه من خلال العديد من المواقع الإلكترونية وكذلك من خلال بعض القصص والمحاضرات لبعض من الشيوخ سواء كانت السنة او الشيعة ونضعها لكم عبر موقعنا الصفحة العربية.

 قصة مقتل الحسين عند الشيعة  مقتل الحسين في كربلاء مقتل الإمام الحسين  والتعرف على قصة مقتل الحسين الحقيقية, نتطرق إلى   قصة قطع رأس الحسين تاريخ استشهاد الامام الحسين بالتاريخ الميلادي  واقعة كربلاء عند أهل السنة من قاتل الحسين في كربلاء.

 من هي زوجة الحسين بن علي  قصة مقتل الحسين عند الشيعة  كم عدد زوجات الحسن بن علي بن ابي طالب  قصة مقتل الحسين الحقيقية قصة قطع رأس الحسين  الحسن المثنى القاسم بن الحسن بن علي الحسين بن علي بن أبي طالب pdf.

قصة مقتل الحسين بن علي عند الشيعة

الحسين (ع) يمنع من البدء بالقتال

لما أقبل القوم يقودهم شمر بن ذي الجوشن يجولون حول الخيام ورأوا الخندق في ظهورهم والنار تضطرم في الحطب والقصب الذي كان أُلقي فيه، فتكلم شمر بكلمات نابية لا تخرج الا من أمثاله، رام مسلم بن عوسجة أن يرميه بسهم فمنعه الحسين  من ذلك قائلاً: «لا ترمه فإني أكره أن أبدأهم بقتال».

اندفاع شمر نحو الحرب

وبعد أن انتهت حملة عمرو بن الحجاج على معسكر الحسين  حمل شمر بن ذي الجوشن في الميسرة على أهل الميسرة فثبتوا له، فقطعوه وأصحابه. ولم يكن في جيش الكوفة من هو أقل شوقاً للحرب واندفاعا لها من شمر بن ذي الجوشن حتى أنّه لم يرع أخلاقيات الحرب وكاد أن يفتك بالنساء على مرأى من الإمام  حتى وبّخه بعض قادة جيش ابن زياد بقوله: «مرعبا للنساء صرت يا شمر؟!».

الحملة الكبرى

وقبيل الزوال من ظهر العاشر من محرم حمل جيش ابن زياد على الحسين  وأصحابه من كل جانب، فقاتلهم أصحاب الحسين قتالاً شديداً، وأخذت خيل أصحاب الحسين  تحمل وإنما هم اثنان وثلاثون فارساً، وأخذت لا تحمل على جانب من خيل أهل الكوفة إلا كشفته، فلما رأى ذلك عزرة بن قيس- وهو على خيل أهل الكوفة- أن خيله تنكشف من كل جانب، بعث إلى عمر بن سعد بعبد الرحمن ابن حصن، فقال: «أما ترى ما تلقى خيلي مذ اليوم من هذه العدة اليسيرة! أبعث إليهم الرجال و الرماة». فدعا عمر بن سعدالحصين بن تميم فبعث معه المجففة “وهم جماعة من الجيش يحملون دروعاً أو متاريس كبيرة” وخمسمائة من المرامية، فأقبلوا حتى إذا دنوا من الحسين  وأصحابه رشقوهم بالنبل، فلم يلبثوا أن عقروا خيولهم، وصاروا رجّاله كلهم. وأخذ الثلاثة والأربعة من أصحاب الإمام الحسين بالانتشار بين الخيام للدفاع عنها ومنع من يريد الاقتراب منها ونهبه وتمكنوا من قتل البعض وجرح البعض الآخر، فلما أحسّ عمر بن سعد بحراجة الموقف وموقفه من القضاء على الإمام وأصحابه بسرعة فائقة أمر بتقويض الخيام فسارع شمر بن ذي الجوشن مع أصحابه للهجوم على المخيم فتصدى له زهير بن القين في عشرة رجال من أصحاب الحسين وكشفوهم عن البيوت.

واشتد القتال والتحم وكثر القتلى والجرحى في أصحاب أبي عبد الله الحسين  إلى أن زالت الشمس. وقد استشهد في هذه الحمل بالإضافة إلى مسلم بن عوسجة كل منعبد الله بن عمير الكلبي في ميمنة جيش الإمام  على يد هاني بن ثبيت الحضرمي وبكير بن حي التميمي. وعمرو بن خالد الصيداوي وجابر بن الحارث السلماني وسعد غلام عمرو بن خالد ومجمع بن عبد الله العائذي وابنه عائذ بن مجمع سقطوا عند مبارزة العدو. كما سقطت مجموعة من أنصار الإمام  أوصلتها بعض المصادر التاريخية إلى الخمسين شهيداً.

انظر: عبد الله بن عمير الكلبي‎، عمرو بن خالد الصيداوي، جابر بن حارث السلماني، سعد غلام عمرو بن خالد، مجمع بن عبد الله العائذي، و عائذ بن مجمع.

وقائع ظهر العاشر من محرّم

استمر القتال بين الطرفين حتى زوال الشمس وحلول وقت الصلاة فلما رأى ذلك أبو ثمامة الصيداوي قال للحسين : «يا أبا عبد الله، نفسي لنفسك الفداء هؤلاء اقتربوا منك ولا والله لا تقتل حتى أقتل دونك وأحب أن ألقى الله ربي وقد صليت هذه الصلاة، فرفع الحسين  رأسه إلى السماء» وقال: «ذكرت الصلاة جعلك الله من المصلين، نعم هذا أوّل وقتها»، ثم قال: «سلوهم أن يكفوا عنا حتّى نصلي».فقال الحصين بن نمير: «إنها لا تقبل»، فقال حبيب بن مظاهر: «لا تقبل الصلاة زعمت من ابن رسول الله وتقبل منك يا حمار»، “وفي رواية يا ختار يعني يا غادر وفي رواية ثالثه يا فاسق”، فحمل عليه الحصين بن نمير وحمل عليه حبيب. ولم يزلْ حبيب يُقاتل حتّى حمَلَ عليه رجلٌ من بني تميم يُقال له بُديل بن صُرَيم فضربه برمحه فوقع فذهب ليقوم فضربه الحُصينُ بن نَمير على رأسه بالسّيف فسقط.

تقدّم الإمام  ببقيّة أصحابه وكانوا عشرين رجلاً اصطفوا للصلاة خلفه فلما أراد الصلاة قال  لزهير بن القين وسعيد بن عبد الله الحنفي: «تقدما أمامي حتى أصلي الظهر فتقدما أمامه في نحو من نصف أصحابه حتى صلّى بهم صلاة الخوف».وروي أن سعيد بن عبد الله الحنفي تقدم أمام الحسين  فاستهدف لهم يرمونه بالنبل كلّما أخذ الحسين يمينا وشمالاً قام بين يديه، فما زال يرمى به حتى سقط شهيداً.

وبعد أن أتمّ الإمام صلاته استشهد سعيد بن عبد الله على أثر ما أصيب من جراح ثمّ برز كل من زهير بن القين، برير بن خضير الهمداني،نافع بن هلال الجملي، عابس بن أبي شبيب الشاكري، حنظلة بن سعد الشبامي فاستشهدوا واحداً تلو الآخر.

انظر: سعيد بن عبد الله‎، زهير بن القين، برير بن خضير الهمداني، نافع بن هلال الجملي، عابس بن أبي شبيب الشاكري، وحنظلة بن سعد الشبامي.

وقائع عصر يوم عاشوراء

بنو هاشم يتقدمون إلى الموت

تسجل لنا المصادر التاريخية أنه لمّا استشهد أصحاب الإمام الحسين  أخذ بنو هاشم بالخروج إلى المعركة وكان أوّل من طلب الخروج إلى الحرب علي بن الحسين  المعروف بعلي الأكبر فأذن له أبوه مودعاً له بقوله: «اللهم اشهد على هؤلاء فانه قد برز إليهم غلام أشبه الناس خَلقاً وخُلقاً و منطقاً برسولك».

وبعد أن سقط علي الأكبر شهيداً تقدم سائر إخوة الإمام  عبد الله وعثمان وجعفر قبل العباس حتى استشهدوا جميعاً. ثم خرج سائربني هاشم واحداً تلو الآخر منهم أبناء عقيل بن أبي طالب وعبد الله بن مسلم بن عقيل بالإضافة إلى أبناء جعفر بن أبي طالب، وعدي بن عبد الله بن جعفر الطيار بالإضافة إلى أبناء الإمام الحسن  القاسم بن الحسن وأخيه أبو بكر فسقطوا جميعهم شهداء واحداً تلو الآخر.

انظر: عبد الله بن مسلم بن عقيل، عبد الرحمن بن عقيل، القاسم بن الحسن، عدي بن عبد الله بن جعفر الطيار، أبو بكر بن حسن ، عبد الله بن علي ، عثمان بن علي ، وجعفر بن علي  وكان أبو الفضل العباس صاحب راية الإمام وقد تمكن من كسر الحصار المضروب على الخيام واقتحم الفرات لكنه استشهد في طريق عودته وقبل أن يوصل الماء إلى العيال.

إصرار الإمام السجاد (ع) على خوض الحرب

ولما فجع الحسين  بأهل بيته وولده وأصحابه، ورأى جميع صحبه مجزرين على الأرض ولم يبق غيره وغير النساء والذراري نادى : «هل من ذاب يذب عن حرم رسول الله ؟ هل من موحد يخاف الله فينا؟ هل من مغيث يرجو الله في إغاثتنا؟».

ثم التفت  إلى أصحابه منادياُ: «يا حبيب بن مظاهر، ويا زهير بن القين، ويا مسلم بن عوسجة، يا أبطال الصفا، ويا فرسان الهيجاء، مالي اناديكم فلا تجيبون، وأدعوكم فلا تسمعوني؟! أنتم نيام أرجوكم تنتبهون؟ أم حالت مودتكم عن إمامكم فلا تنصرونه؟ فهذه نساء الرسول  لفقدكم قد علاهن النحول، فقوموا من نومتكم، أيها الكرام، وادفعوا عن حرم الرسول الطغاة اللئام…».

فخرج علي بن الحسين زين العابدين  وكان مريضاً لا يقدر أن يقل سيفه، وأم كلثوم تنادي خلفه: يا بني ارجع، فقال: يا عمتاه ذريني أقاتل بين يدي ابن رسول الله : فقال الحسين : يا أم كلثوم خذيه لئلا تبقى الأرض خالية من نسل آل محمد .سبب مقتل استشهاد الحسين بن علي معركة كربلاء عاشورا 2

استعداد الإمام الحسين علیه السلام للحرب

ولمّا قرّر الإمام النزول إلى المعركة جاء إلى المخيم فجمع أخواته وبناته والأطفال فودّعهم وأمرهم بالسكوت وطلب ثوباً عتيقاً لا يرغب فيه أحد، فخرّقه ولبسه تحت ثيابه؛ لئلا يُجرّد منه. فلمّا قُتل ، جرّدوه منه وتركوه عرياناً على وجه الصّعيد. ثم إنّه  لما رأى ولده عبد الله الرضيع يجود بنفسه من العطش أتى به– حسب بعض المقاتل- نحو القوم يطلب له الماء، وقال: «إن لم ترحموني، فارحَموا هذا الطفل»، فاختلفَ العسكر فيما بينهم فأصاب اليه حرملة بن كاهل السهم وهو في حِجر أبيه فذبحته من الوريد إلى الوريد.

قتال الحسين (ع) في عصر عاشوراء

بعد أن بقي الإمام الحسين  وحيداً صمم على منازلة القوم إلاّ أنهم أحجموا عن مواجهته رغم ما به من جراح، لكنهم حالوا بينه وبين الوصول إلى المشرعة فأصابه سهم في حَنَكه .[57] ورغم الجراح والآلام التي أصيب بها إلا أنّه  قاتل القوم ببسالة.[58] وصفها حُمَيد بن مسلم بقوله: «فوالله ما رأيت مكسورا قط قد قتل ولده وأهل بيته وأصحابه أربط جاشا ولا أمضى جنانا منه إذ كانت الرجالة تشد عليه فيشد عليها بسيفه فتنكشف عن يمينه وعن شماله انكشاف المعزى إذا شد فيها الذئب».

الحسين (ع) يصلي الظهر

وقال ابن طاووس: «لقد كان يحمل فيهم و لقد تكملوا ثلاثين ألفاً فيهزمون بين يديه كأنهم الجراد المنتشر ثم يرجع إلى مركزه وهو يقول: لا حول ولا قوّة إلا بالله».

ثم إنّه  ودّع عياله مرّة ثانية وأمرهم بالصبر ولبس الأزر وقال: «استعدوا للبلاء واعلموا أنّ الله حاميكم وحافظكم وسينجيكم من شرّ الأعداء ويجعل عاقبة أمركم إلى خير…». ثم ودّع النساء قائلاً: «يا سكينة يا فاطمة يا زينب يا أم كلثوم، عليكنَّ مِنّي السلام». ثم دخل خيمة ولده السجاد  ليودّعه.

ولما كان مشغولاً بوداع عياله صاح عمر بن سعد: «ويحكم اهجموا عليه ما دام مشغولاً بنفسه وحرمه فحملوا عليه يرمونه بالسهام حتى تخالفت السهام بين أطناب المخيم وشك سهم بعض أزر النساء فدهشن وأرعبن وصحن ودخلن الخيمة».

استشهاد الإمام الحسين علیه السلام

ثم إن الإمام الحسين  اتخذ له مركزاً ينطلق منه لمحاربة القوم والرجوع إليه فإذا رجع إلى مركزه يكثر من قول «لا حول ولا قوة إلا بالله العظيم» ليُعلم النساء ببقائه حيّاً. فلما رأى الشمر ذلك حال بينه وبين عياله فصاح بهم الحسين  : «ويحكم إن لم يكن لكم دين وكنتم لا تخافون المعاد فكونوا أحرارا في دنياكم، وارجعوا إلى أحسابكم إن كنتم عرباً».

فأحاط به القوم يتقدّمهم شمر بن ذي الجوشن إلاّ أنهم أحجموا عن مواجهته  والشمر يحثّهم على ذلك. فأمر الشمر الرماة فتراجع الإمام إلى الخلف مثخناً بالجراح والسهام فأحاطوا به صفاً.

وقيل أنّ رجلاً من كنده ضربه على رأسه . وقالوا: «وقف يستريح ساعة وقد ضعف عن القتال، فبينما هو واقف إذ أتاه حجر فوقع في جبهته، فأخذ الثوب ليمسح الدم عن وجهه، فأتاه سهم محدد مسموم له ثلاث شعب، فوقع السهم في صدره- وفي بعض الروايات: على قلبه».

وروي أنّه لما ضعف عن القتال وقف، فكلّما أتاه رجل وانتهى إليه انصرف عنه حتى جاءه رجل من كندة يقال له: «مالك بن اليسر، فشتم الحسين  وضربه بالسيف على رأسه وعليه برنس فامتلأ دماً».وضربه زرعة بن شريك على كتفه اليسرى، وضربه آخر على عاتقه المقدس بالسيف ضربة وطعنه سنان بن أنس النخعي في ترقوته ثم رماه سنان أيضاً بسهم، فوقع السهم في نحره، وطعنه صالح بن وهب المرّي “وقيل سنان بن أنس” على خاصرته طعنة فسقط الحسين  عن فرسه إلى الأرض.

في تلك الحالة وبينما هو  يجود بنفسه وقد أحاط به العدو خرج عبد الله بن الحسن بن علي  وهو غلام لم يراهق من عند النساء يشتد حتى وقف إلى جنب الحسين فلحقته زينب بنت علي  لتحبسه فأبى وامتنع امتناعاً شديداً فقال: «لا والله لا أفارق عمّي فأهوى بحر بن كعب وقيل حرملة بن كاهل الأسدي إلى الحسين  بالسيف» فقال له الغلام: «ويلك يا ابن الخبيثة أتقتل عمّي!» فضربه بالسيف فاتقاها الغلام بيده فأطنها– أي قطعها- إلى الجلد فإذا هي معلقة… ورماه حرملة بن كاهل بسهم فذبحه وهو في حجر عمّه الحسين .

ثم جاء الشمر مع جماعة من جيش عمر بن سعد فيهم أبو الجنوب عبد الرحمن بن زياد وقشعم بن عمرو بن يزيد وصالح بن وهب اليزني وسنان بن أنس النخعي وخولي بن يزيد الأصبحي وهو يحثّهم على قتل الحسين . فلم يمتثل أمره أحد منهم فصاح شمر ما تنتظرون بالرّجل؟ ثم أمر خولى بن يزيد الأصبحي ليحتزّ رأسه فنزل ليحتّز رأسه فأرعد وامتنع عن ذلك، فقال شمر: «فتّ الله في عضدك ما لَك ترعد؟» فنزل شمر “وقيل سنان بن أنس” فقطع رأس الإمام  وناوله لخولي.وبعد استشهاده وجد في بدنه: 34طعنة رمح و33 ضربة سيف وجراح أخرى من أثر النبال. ثم جردوا الإمام من ثيابه وتركوه عارياً.

 

قصة قطع رأس الحسين عند السنة

ابتدأ الشيخ عبدالله زقيل – حفظه الله – قبل مدة بسلسلة علمية مهمة بعنوان ” قبور ومشاهد مكذوبة ” أراد منها التنبيه على بطلان ثبوت كثير من القبور والمشاهد التي يتعلق بها ” القبوريون ” ، ويستغلونها لترسيخ لشركياتهم وبدعهم في بلاد المسلمين ، واستغلال عواطف السذج والعوام بنهب أموالهم بهذه الأباطيل . وقد تحدث الشيخ في الحلقة الأولى عن القبر المنسوب لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه ، الموجود في ” النجف ” ؛ وبين بطلان ثبوته بالأدلة العلمية والتاريخية . والبحث موجود في صفحته بموقع ” صيد الفوائد ” .

http://saaid.net/Doat/Zugail/270.htm

وقد أحببتُ المساهمة مع أخي عبدالله في هذه السلسلة النافعة المباركة – إن شاء الله – من خلال نقل علمي رصين للدكتور محمد بن عبدالهادي الشيباني – حفظه الله – من رسالته ” مواقف المعارضة في خلافة يزيد بن معاوية ” بين فيه بطلان المشهد الشهير الموجود في مصر ؛ والمسمى بـ ( مسجد الحسين ) ! ؛ وأثبتَ – بالأدلة العلمية والتاريخية – أنه مجرد أكذوبة رافضية من أيام الدولة العبيدية ؛ ثم صدقها الجهال والمغفلون من المنتسبين لأهل السنة . وقد سبقه إلى هذا العلماء المحققون ؛ وعلى رأسهم شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – في رسالته عن ” رأس الحسين ” – رضي الله عنه – ؛ ولكن الدكتور أجاد في عرض المسألة وتلخيصها . يقول الدكتور الشيباني : ( إن منشأ الاختلاف في موضع رأس الحسين رضي الله عنه عند عامة الناس إنما هو ناتج عن تلك المشاهد المنتشرة في ديار المسلمين -التي أقيمت في عصور التخلف الفكري والعقدي- وكلها تدعي وجود رأس الحسين! ثم إن الجهل بموضع رأس الحسين جعل كل طائفة تنتصر لرأيها في ادعاء وجود الرأس عندها.

 

وإذا أردنا التحقيق في مكان الرأس فإنه يلزمنا تتبع وجود الرأس منذ انتهاء معركة كربلاء. لقد ثبت أن رأس الحسين حمل إلى ابن زياد، فجعل الرأس في طست وأخذ يضربه بقضيب كان في يده، فقام إليه أنس بن مالك رضي الله عنه، وقال: “لقد كان أشبههم برسول الله صلى الله عليه وسلم”. ( البخاري ) .

ثم بعد ذلك تختلف الروايات والآراء اختلافاً بيّناً بشأن رأس الحسين رضي الله عنه. ولكن بعد دراسة الروايات التي ذكرت أن ابن زياد أرسل الرأس إلى يزيد بن معاوية وجدتُ أن الروايات على النحو التالي:

– هناك روايات ذكرت أن الرأس أرسل إلى يزيد بن معاوية، وأخذ يزيد ينكت بالقضيب في فم الحسين، الأمر الذي حدا بأبي برزة الأسلمي رضي الله عنه أن ينكر على يزيد فعلته. ولكن هذه الرواية التي ذكرت وصول الرأس وتعامل يزيد معه بهذا النحو، ضعيفة .

( الطبراني وغيره بأسانيد منقطعة أو ضعيفة ) .

ولعل هذه الأسانيد هي التي اعتمد عليها شيخ الإسلام في إنكاره أن يكون الرأس قد وصل إلى يزيد أصلاً. وكان استدلال شيخ الإسلام على ضعف هذه الرواية “بأن الذين حضروا نكته بالقضيب من الصحابة لم يكونوا بالشام، وإنما كانوا بالعراق”. ونحن نشارك شيخ الإسلام ابن تيمية في نقده لمتن هذه الرواية؛ بل ونضيف أمراً آخر يدل على فساد متن هذه الرواية ؛ وهو أنه مخالف لتلك الروايات الصحيحة التي بيّنت حسن معاملة يزيد لآل الحسين وتألمه وبكائه على قتل الحسين رضي الله عنه. ثم قال شيخ الإسلام ابن تيمية: “ورأس الحسين إنما حمل إلى ابن زياد وهو الذي ضربه بالقضيب كما ثبت في الصحيح”.

“وأما حمله إلى عند يزيد فباطل، وإسناده منقطع”.

وكان اعتماد شيخ الإسلام على نفس الرواية وعدم ثبوت سندها هو اطلاعه -كما يبدو- على رواية حصين بن عبد الرحمن السلمي التي قال فيها حصين فحدثني مولى ليزيد بن معاوية قال: لما وضع رأس الحسين بين يدي يزيد رأيته يبكي ويقول: “ويلي على ابن مرجانة فعل الله به، أما والله لو كانت بينه وبينه رحم ما فعل هذا”. وهذه الرواية ذكرها البلاذري؛ والطبري، والجوزقاني. وهذه الرواية إذا نظرنا إلى متنها نجد أنها متوافقة مع ما ثبت عن حسن تعامل يزيد مع أبناء الحسين، ومع ما أبداه يزيد من الحسرة والندامة على قتل الحسين. وأما إسناد هذه الرواية فإن الرجل المبهم فيها هو الذي جعل شيخ الإسلام ينكر صحتها ويقول “في إسناده مجهول”. ولكن هناك رواية حسنة الإسناد في أنساب الأشراف، تفيد بأن ابن زياد قد حمل الرأس إلى يزيد بن معاوية. ثم إن هناك رواية أخرى ذكرها الطبراني على الرغم من ضعفها إلا أنها تزيد رواية البلاذري قوة، إضافة إلى الروايات الحديثية والتاريخية الأخرى التي ذكرت حمل الرأس إلى يزيد. وبإعادة النظر في الرواية التي ذكرها البلاذري والطبري والجوزقاني -رواية حصين- نجد أن الرجل المبهم يذكره البلاذري على أنه مولى يزيد بن معاوية. وفي رواية الطبري والجوزقاني ذكر أنه مولى معاوية بن أبي سفيان، وهذا الاختلاف في نسبة ولائه بين معاوية وبين يزيد بن معاوية لا يضر، وهو الأمر الذي جعلني أميل إلى أنه القاسم بن عبدالرحمن الدمشقي مولى يزيد بن معاوية، وهو صدوق. والدليل على ذلك أن أبا مخنف روى نفس الرواية مع قليل من الاختلاف، فقال أبو مخنف: حدثني الصقعب بن زهير عن القاسم بن عبدالرحمن مولى يزيد بن معاوية قال: لما وضعت الرؤوس بين يدي يزيد -رأس الحسين وأصحابه- قال: نفلق هاماً من رجال أعزة علينا وهم كانوا أعق وأظلما أما والله يا حسين لو كنت صاحبك لما قتلتك”. وهذه الرواية تتفق مع الروايات الصحيحة في نظرة يزيد لمقتل الحسين وتألمه لما حدث له. الأمر الذي يجعل من البعيد جداً أن يكون أبو مخنف قد حرّف الرواية أو زاد فيها شيئاً من عنده. فإذا ثبت أن المولى هو القاسم بن عبد الرحمن الدمشقي فعندئذ تكون رواية الطبري والبلاذري والجوزقاني حسنة، ثم إذا أضفنا لها الروايات السابقة تجعلنا نؤكد أن الرأس قد حمل إلى يزيد، ولعل هذه الروايات هي التي جعلت ابن كثير يغيّر رأيه أخيراً بشأن رأس الحسين، فبعد أن كان يميل إلى رأي شيخه شيخ الإسلام ابن تيمية عندما قال والصحيح “إنه -أي ابن زياد- لم يبعث برأس الحسين إلى الشام”. قال في مكان آخر: “وقد اختلف العلماء في رأس الحسين هل سيّره ابن زياد إلى الشام أم لا، على قولين الأظهر منها أنه سيّره إليه، فقد ورد في ذلك أثار كثيرة والله أعلم” وهو ما ذهب إليه أيضاً الذهبي. ==================== وبعد أن ترجح لدينا الآن أن ابن زياد قد بعث برأس الحسين إلى يزيد وأن الرأس وصل إلى دمشق فإنا سنواجه باختلاف كبير حول المكان الذي قبر فيه رأس الحسين رضي الله عنه . فالأماكن التي ذكر أن رأس الحسين مقبور بها ستة مدن ؛هي: 1- دمشق 2- الرقة 3- عسقلان 4- القاهرة 5- كربلاء 6- المدينة. ولكي نصل إلى تحديد دقيق بشأن مكان رأس الحسين، فإنا سنعرض إلى كل هذه المدن التي ذكر بأن الرأس موجود بها، ثم نناقش الروايات التي ذكرت ذلك ومن ثم نحدد مكان الرأس بعد النقد والتمحيص لهذه الروايات. أولاً: دمشق : ذكر البيهقي في المحاسن والمساوئ ( بدون سند ! ): أن يزيد أمر بغسل الرأس وجعله في حرير وضرب عليه خيمة ووكل به خمسين رجلاً” . وقال ابن كثير: “وذكر ابن أبي الدنيا من طريق عثمان بن عبدالرحمن، عن محمد بن عمر بن صالح -وهما ضعيفان- أن الرأس لم يزل في خزانة يزيد بن معاوية حتى توفي، فأخذ من خزانته وكفن ودفن داخل باب الفراديس من مدينة دمشق. قلت: ويعرف مكانه بمسجد الرأس اليوم داخل باب الفراديس”. وقد ذكر النعيمي: من مساجد دمشق: “مسجد الرأس ويقال بأن فيه رأس الحسين رضي الله عنه “. وأما ابن عساكر فقد ساق بإسناده عن ريا حاضنة يزيد بن معاوية:” أن الرأس مكث في خزائن السلاح حتى ولي سليمان، فبعث فجيء به فبقي عظماً فطيبه وكفّنه، فلما وصلت المسودة ( أي العباسيين ) سألوا عن موضع الرأس ونبشوه، فالله أعلم ما صُنع به”. قال الذهبي معقباً على هذه القصة: “وهي قوية الإسناد”. ويبدو أن الذهبي لم يتراجع عن تقويته لإسناد هذه القصة كما نقله عنه تلميذه ابن أبيك الصفدي. ( شرح رسالة ابن زيدون ، ص 205). ولكن عند النظر في إسناد هذه القصة نجد أن ابن عساكر قد جاء بهذه القصة أثناء ترجمة “ريا” حاضنة يزيد، واعتمد في إسناده على طريق واحد فقط وهو: أحمد بن محمد بن حمزة الحضرمي، عن أبيه، عن جده، عن أبي حمزة ابن يزيد الحضرمي . وسند ابن عساكر هذا سند ضعيف، ولا أعلم على أي شيء اعتمد الذهبي في تقويته لهذا السند؟! مع أنه سوف يضعف كما سنرى الراوي، فالراوي أحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة الحضرمي البتلهي: ضعيف. قال ابن حبان عن والده محمد بن يحيى : ثقة في نفسه، ويتقى حديثه ما روى عنه أحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة وأخوه عبيد فإنهما يدخلان عليه كل شيء. وهذه القصة من رواية ابنه أحمد، فهو مما يتقى ويترك. وقال عنه الذهبي: له مناكير، وقال أبو أحمد الحاكم: فيه نظر ثم إن جد أبيه بن يزيد الحضرمي لم أعثر له ترجمة. هذا من جهة السند، وأما بالنسبة للمتن، فإن هذه الرواية يبدو فيها الكذب واضحاً، وفي سياقها نكاره ظاهرة حيث مخالفتها للروايات الصحيحة التي تؤكد حسن معاملة يزيد لأبناء وأسرة الحسين. ثم إن في المتن نزعة رافضية واضحة حيث ورد في الرواية “ولقد جاء رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له -أي يزيد- لقد أمكنك الله من عدو الله وابن عدو أبيك، فاقتل هذا الغلام أي علي بن الحسين … فاقطع أصل هذا البيت.. ” وأخيراً فإن راوية القصة (ريا ) هذه ذكرها ابن عساكر ولم يذكر فيها جرحاً ولا تعديلاً، وتكون بذلك مجهولة. وبهذا تكون رواية ابن عساكر التي قواها الذهبي رواية ساقطة لا يعتمد عليها بأي حال من الأحوال، وقد أورد الذهبي بإسناده عن أبي كريب قال: كنت فيمن توثب على الوليد بن يزيد بدمشق، فأخذت سفطاً وقلت فيه غنائي، فركبت فرسي، وخرجت من باب توما، قال: ففتحه، فإذا فيه رأس مكتوب عليها، هذا رأس الحسين بن علي، فحفرت فيه بسيفي، فدفنته؟ . وهي رواية ضعيفة جداً، وفي سند هذه الحكاية من لم أعثر لهم على ترجمة، وقد علق المحقق على هذه الحكاية بقوله: “لا يصح فيه من لا يعرف”. ومن ناحية أخرى ما هي فائدة يزيد من احتفاظه برأس الحسين وجعله في خزائن سلاحه ؟! ثانياً: كربلاء : لم يقل أحد بأن الرأس في كربلاء إلا الإمامية، فإنهم يقولون: بأن الرأس أعيد إلى كربلاء بعد أربعين يوماً من القتل، ودفن بجانب جسد الحسين رضي الله عنه، وهو يوم معروف عندهم يسمون الزيارة فيه زيارة الأربعين . ويكفي أن هذا القول إنما تفرد به الإمامية (الرافضة ) هم أكذب الخلق على الإطلاق، ومن نظر في كتبهم عرف هذه الحقيقة ، وقد أنكر أبو نعيم (الفضل بن دكين ) على من زعم أنه يعرف قبر الحسين رضي الله عنه . وقد ذكر ابن جرير وغيره أن موضع قتله عفى أثره حتى لم يطلع أحد على تعيينه . ثالثاً: الرقة : لقد انفرد سبط ابن الجوزي بإيراد خبر يذكر أن الرأس قبر بالرقة وقال: إن الرأس بمسجد الرقة على الفرات، وأنه لما جيء به بين يدي يزيد بن معاوية قال: “لأبعثن إلى آل أبي معيط عن رأس عثمان” وكانوا بالرقة ، فدفنوه في بعض دورهم ، ثم دخلت تلك الدار بالمسجد الجامع، وهو إلى جانب سور هناك. وهذا خبر مستبعد ؛ فالرواية ليست مسندة، ولا نعلم أي مصدر اعتمد عليه سبط ابن الجوزي حينما نقل هذا الرأي، ثم إن سبط ابن الجوزي متأخر جداً عن الحدث (ت 654هـ ) ، ثم إضافة إلى ما سبق فإن الخبر فيه نكارة واضحة لمخالفته النصوص الصحيحة التي ثبت فيها حسن معاملة يزيد لأسرة الحسين وتحسرّه وندمه على قتله، ثم إن سبط ابن الجوزي هذا على علو قدره ومكانته قال عنه الذهبي “ورأيت له مصنفاً يدل على تشيعه”. رابعاً: عسقلان : قال الشبلنجي: “ذهبت طائفة إلى أن يزيد أمر أن يُطاف بالرأس في البلاد فطيف به حتى انتهى إلى عسقلان فدفنه أميرها بها”. ( نور الأبصار ، ص 121). ولعل الشبلنجي هو الوحيد الذي قدّم تفسيراً عن كيفية وصول الرأس إلى عسقلان، وأما غيره فقد ذكروا بدون مسببات أن الرأس في عسقلان فقط. وتعتبر رواية الشبلنجي رواية منكرة، بعيدة عن التصور، فكيف بالواقع المحتم في تلك الفترة بالذات؟! فهي بالإضافة إلى مخالفتها للروايات الصحيحة التي تفيد أن يزيد تعامل مع أسرة الحسين تعاملاً حسناً، فإن الرواية تعطي تصوراً بعيداً جداً عن واقع المسلمين في ذلك الحين. فكيف يُعقل أن يُقدم يزيد على هذا العمل من أن يطوف برأس الحسين رضي الله عنه في بلاد المسلمين، والمسلمون لا يتأثرون من هذا الصنيع برأس الحسين رضي الله عنه ؟ ثم أي غرض لهم في دفنه بعسقلان، وكانت إذ ذاك ثغراً يقيم بها المرابطون؟ فإن كان قصدهم تعفية أثره، فعسقلان تُظهره لكثرة من ينتابها للرباط، وإن كان قصدهم بركة البقعة فكيف يُقصد هذا ممن يقول: إنه عدو له -أي يزيد- مستحل لدمه، ساع في قتله”. وهكذا فقد ثبت من الجهة النظرية والعملية استبعاد بل استحالة دفن الرأس بعسقلان. ولقد أنكر جمع من المحققين هذا الخبر فقال القرطبي: “وما ذكر أنه في عسقلان فشيء باطل”. وأنكر شيخ الإسلام ابن تيمية وجود الرأس بعسقلان، وتابعه على ذلك ابن كثير. خامساً: القاهرة : يبدو أن اللعبة التي قام بها العبيديون (الفاطميون ) قد انطلت على الكثير من الناس. فبعد أن عزم الصليبيون الاستيلاء على عسقلان سنة تسع وأربعين وخمسمائة ( 549هـ ) ، خرج الوزير الفاطمي طلائع بن زريك هو وعسكره حفاة إلى الصالحية، فتلقى الرأس ووضعه في كيس من الحرير الأخضر على كرسي من الأبنوس وفرش تحته المسك والعنبر والطيب، ودفن في المشهد الحسيني قريباً من خان الخليلي في القبر المعروف، وكان ذلك في يوم الأحد الثامن من جمادى الآخرة سنة ثمان وأربعين وخمسمائة . وقد ذكر الفارقي أن الخليفة الفاطمي نفسه قد خرج وحمل الرأس، وذكر الشبلنجي أن الوزير طلائع افتدى الرأس من الإفرنج، ونجح في ذلك بعد تغلبهم على عسقلان وافتداه بمال جزيل. ولقد حاول بعض المؤرخين أن يؤكدوا على أن الرأس قد نقل فعلاً من عسقلان إلى مصر، وأن المشهد الحسيني في مصر إنما هو حقيقة مبني على رأس الحسين رضي الله عنه . والعجيب أن القلقشندي استدل على صحة وجود الرأس بمصر بالحادثة التالية : أن القاضي محب الدين بن عبد الظاهر ذكر في كتابه خطط القاهرة، أن السلطان صلاح الدين الأيوبي حين استولى على قصر الفاطميين أمسك خادماً من خدام القصر، وعذبه بأن حلق رأسه وكفى عليه طاساً، وجعل فيه خنافس فأقام ثلاثة أيام لم يتأثر بذلك، فدعاه السلطان وسأله عن شأنه، هل معه طلسم وقاه ذلك فقال: لا أعلم شيئاً، غير أني حملت رأس الحسين على رأسي حين أتي به إلى المشهد، فخلى سبيله وأحسن إليه”!! وأما الصوفية فيرون أن رأس الحسين هو بالمشهد القاهري، ويذكرون سمجاً من الخرافة، حيث يرون أن القطب يزوره كل يوم بالمشهد القاهري! وأما أحد المتأخرين وهو حسين محمد يوسف، فقد أثبت أن الرأس الموجود في المشهد الحسيني هو حقيقة رأس الحسين وخطّأ من يقول بغير ذلك؛ وكان الاستدلال الذي جاء به هو : تلك المنامات والكشوفات التي تجلت لبعض المجاذيب (الصوفية ) التي جاء في بعضها أن الرأس هو في الحقيقة رأس الحسين !! ثم أورد تأييداً لهذا القول باستحداث قاعدة قال فيها “إن الرأس يوجد في القاهرة وذلك بسبب الشك الذي تعارض مع اليقين”، واليقين (هم أصحاب الكشف ) !! وكما يبدو فإن الوطنية لعبت دوراً كبيراً في هذا التأكيد على أن رأس الحسين موجودة في القاهرة . ( انظر : التحفة اللطيفة ،للسخاوي ، 1/513) . وهكذا فإن الاستدلال على وجود الرأس في القاهرة كان مبنياً ومستندًا على أن الرأس كان في عسقلان، وقد أثبتنا قبل قليل بطلان وجود الرأس بعسقلان، وبالتالي يكون الرأس الذي حُمل إلى القاهرة، والمشهد المعروف اليوم والمقام عليه المسمى بالمشهد الحسيني كله كذب، وليس له أي علاقة برأس الحسين رضي الله عنه . وإذا ثبت أن الرأس الذي كان مدفوناً بعسقلان ليس في الحقيقة رأس الحسين، فإذاً متى ادّعي أن رأس الحسين بعسقلان وإلى من يعود ذلك الرأس؟ يقول النويري: إن رجلاً رأى في منامه وهو بعسقلان أن رأس الحسين في مكان بها، عُيّن له في منامه، فنبش ذلك الموضع، وذلك في أيام المستنصر بالله العبيدي صاحب مصر، ووزارة بدر الجمالي، فابتنى له بدر الجمالي مشهداً بعسقلان. ( نهاية الأرب ،20/478) . وقام الأفضل بعد ذلك بإخراجه وعطّره ووضعه في مكان آخر من عسقلان وابتنى عليه مشهداً كبيراً. ولعلك تعجب من إسراع العبيديين الرافضة لإقامة المشهد على هذا الرأس، لمجرد رؤية رجل فقط؟ ولكن إذا عرفت تاريخ العبيديين فإن الأمر لا يُستغرب . فإحساسهم بأن الناس لا يصدقون نسبتهم إلى الحسين، جعلهم يلجؤون إلى تغطية هذا الجانب باستحداث وجود رأس الحسين بعسقلان، ويُظهرون من الاهتمام به وبناء المشهد عليه والإنفاق على ترميمه وتحسينه من الأموال الشيء الكثير ؛ حتى يصدقهم الناس، ويقولون: إنه لو لم يكن لهم نسب فيه لما اهتموا به إلى هذا الحد . ثم إن هناك بعداً سياسياً آخر باستحداث وادعاء وجود رأس الحسين بعسقلان دون غيرها من المناطق التي تقع تحت سيطرتهم، وهو محاولة مجابهة الدول السنية التي قامت في بلاد الشام، ومن المعروف أن حكومة المستنصر بالله العبيدي قد صادفت قيام دولة السلاجقة السنية التي تمكن قائدها طغرلبك السلجوقي من دخول بغداد سنة سبع وأربعين وأربعمائة. وأيضاً فإن العبيديين يَرْمُون من استحداث قبر الحسين بعسقلان حماية مصر بوضع أقصى خط لها في شمالها، ثم يكون قبر الحسين محفزاً لجنودهم للقتال والدفاع عنه، وذلك إذا انحسر نفوذهم من بلاد الشام وخاصة إذا تعرضوا لهجوم شامل من دولة السلاجقة السنية البالغة القوة في ذلك الحين. ولما أن غزى الصليبيون بلاد الشام، واستطاعوا اكتساح الدويلات السنية، وسيطروا على فلسطين، واستولوا على القدس خشي العبيديون من استيلاء الصليبيين على عسقلان، فأرادوا أن يجعلوا من القاهرة المكان المناسب لهذا الرأس، وحتى يبدوا أمام الناس بأنهم حريصون على رأس جدّهم مما يدفع الشبهة عنهم أكثر فأكثر. ومما يدل على أن استحداث وجود الرأس بعسقلان ونقله إلى مصر ما هو إلا خطة عبيدية ؛ أنه لم يرد أن رأس الحسين وجد في عسقلان في أي كتاب قبل ولاية المستنصر الفاطمي. وهذا مما يعزز كذب العبيديين، وتحقيق أغراض خاصة لهم بذلك. وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية أن هذا الرأس المزعوم في مصر ليس في الأصل سوى رأس راهب. وأنكر عمر بن أبي المعالي أن يكون رأس الحسين قد وجد بعسقلان أو مصر وذلك “لأنه لم يوجد في تاريخ من التواريخ أنه -أي الرأس- نقل إلى عسقلان أو إلى مصر، ويقوي ذلك أن الشام ومصر لم يكن فيهما شيعة علوية يُنقل إليهم …”. ( نهاية الأرب للنويري ، 20/481) . وقد نقل ابن دحية في كتابه “العلم المشهور” الإجماع على كذب وجود الرأس بعسقلان أو بمصر، ونقل الإجماع أيضاً على كذب المشهد الحسيني الموجود في القاهرة وذكر أنه من وضع العبيديين، وأنه لأغراض فاسدة وضعوا ذلك المشهد . وقد أنكر وجود الرأس في مصر كل من: ابن دقيق العيد، وأبو محمد بن خلف الدمياطي، وأبو محمد بن القسطلاني، وأبو عبد الله القرطبي وغيرهم. وقال ابن كثير “وادعت الطائفة المسماة بالفاطميين الذين ملكوا مصر قبل سنة أربعمائة إلى سنة ستين وخمسمائة أن رأس الحسين وصل إلى الديار المصرية، ودفنوه بها وبنوا عليه المشهد المشهور بمصر، الذي يقال له تاج الحسين، بعد سنة خمسمائة . وقد نص غير واحد من أئمة أهل العلم على أنه لا أصل لذلك، وإنما أرادوا أن يروجوا بذلك بطلان ما ادعوه من النسب الشريف، وهم في ذلك كذبة خونة، وقد نص على ذلك القاضي الباقلاني وغير واحد من أئمة العلماء في دولتهم، قلت: والناس أكثرهم يروج عليهم مثل هذا، فإنهم جاءوا برأس فوضعوه في مكان هذا المسجد المذكور، وقالوا هذا رأس الحسين، فراج ذلك عليهم واعتقدوا ذلك والله أعلم”. وقد كانت هذه المشاهد هي الطريق الموصلة إلى الشرك بالله ؛ ولذا قال شيخ الإسلام: “وما أحدث في الإسلام من المساجد والمشاهد والآثار فهو من البدع المحدثة في الإسلام، ومن فعل من لم يعرف شريعة الإسلام، وما بعث الله به محمداً صلى الله عليه وسلم من كمال التوحيد وإخلاص الدين لله سبحانه، وسد أبواب الشرك التي يفتحها الشيطان لبني آدم، وذلك يوجد في الرافضة أكثر مما يوجد في غيرهم، لأنهم أجهل من غيرهم وأكثر شركاً وبدعاً، ولهذا يعظمون المشاهد أعظم من المساجد ويخربون المساجد أكثر من غيرهم، فالمساجد لا يصلون فيها إن صلوا إلا أفذاذاً، وأما المشاهد فيعظمونها أكثر من المساجد ؛ حتى يرون أن زيارتها أولى من حج بيت الله الحرام، ويسمونها الحج الأكبر، وصنف ابن المفيد منهم كتاباً سماه (مناسك حج المشاهد ) وذكر فيه من الأكاذيب والأقوال ما لا يوجد في سائر الطوائف، وإن كان في غيرهم أيضاً نوع من الشرك والكذب والبدع؛ لكنه فيهم أكثر…” . وبالفعل، فإن الذي يرى أولئك الناس الذين يطوفون بقبر رأس الحسين المزعوم في القاهرة، والذين يرجونه من دون الله ويستغيثون به من دون الله يعلم إلى أي حد بلغ الشرك في ديار المسلمين، ويعلم أيضاً إلى أي حد بلغ تقاعس العلماء عن تبيين الحق وتوضيحه. قال شيخ الإسلام ابن تيمية “وكان بعض النصارى يقول لبعض المسلمين: لنا سيد وسيدة، ولكم سيد وسيدة ، لنا السيد المسيح والسيدة مريم، ولكم السيد الحسين والسيدة نفيسه”. سادساً: المدينة المنورة : ذكر ابن سعد : أن يزيد بعث بالرأس إلى عمرو بن سعد والي المدينة، فكفنه ودفنه بالبقيع إلى حيث قبر أمه فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال البلاذري: حدثنا عمر بن شبه، حدثني أبو بكر عيسى بن عبيد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب، عن أبيه قال: إن الرأس بعث به يزيد إلى عمرو بن سعيد والي المدينة . وهذه الرواية عن واحد من أهل البيت، ولا شك أن أحفاد الحسين هم أعلم الناس برأس الحسين رضي الله عنه، وبذلك يكون كلامهم مقدماً على كلام غيرهم بشأن وجود الرأس. ثم بالنظر إلى حسن تعامل يزيد مع آل الحسين وندمه على قتل الحسين رضي الله عنه يكون من المتمات لما أبداه يزيد تجاه آل الحسين هو احترام رأس أبيهم، فبإرسال رأس الحسين إلى والي المدينة وأمره بأن يدفن بجانب قبر أمه يكون يزيد قد أدى ما يتوجب عليه حيال رأس الحسين وحيال آل الحسين، بل وحيال أقارب الحسين في المدينة وكبار الصحابة والتابعين. “ثم إن دفنه بالبقيع: هو الذي تشهد له عادة القوم، فإنهم كانوا في الفتن، إذا قتل الرجل منهم -لم يكن منهم- سلموا رأسه وبدنه إلى أهله، كما فعل الحجاج بابن الزبير لما قتله وصلبه، ثم سلموه إلى أهله، وقد علم أن سعي الحجاج في قتل ابن الزبير، وأن ما كان بينهما من الحروب أعظم بكثير مما كان بين الحسين وبين خصومه”. كما أننا لا نجد انتقاداً واحداً انْتُقِد فيه يزيد سواء من آل البيت أو من الصحابة أو من التابعين فيما يتعلق بتعامله مع الرأس، فظني أن يزيد لو أنه تعامل مع الرأس كما تزعم بعض الروايات من الطوفان به بين المدن والتشهير برأسه، لتصرف الصحابة والتابعين تصرفاً آخراً على أثر هذا الفعل، ولما رفض كبارهم الخروج عليه يوم الحرة ولرأيناهم ينضمون مع ابن الزبير المعارض الرئيس ليزيد . ويؤيد هذا الرأي قول الحافظ أبو يعلى الهمداني: “إن الرأس قبر عند أمه فاطمة رضي الله عنها وهو أصح ما قيل في ذلك”. وهو ما ذهب إليه علماء النسب مثل: الزبير بن بكار ومحمد بن الحسن المخزومي. وذكر عمر بن أبي المعالي أسعد بن عمار في كتابه “الفاصل بين الصدق، والـمَيْن في مقر رأس الحسين” أن جمعا من العلماء الثقات كابن أبي الدنيا، وأبي المؤيد الخوارزمي، وأبي الفرج بن الجوزي قد أكدوا أن الرأس مقبور في البقيع بالمدينة ” . وتابعهم على ذلك القرطبي . وقال الزرقاني: قال ابن دحية : ولا يصح غيره. وشيخ الإسلام يميل إلى أن الرأس قد بعث به إلى واليه على المدينة عمرو بن سعيد وطلب منه أن يقبره بجانب أمه فاطمة رضي الله عنها، والذي جعل شيخ الإسلام يرى ذلك هو : “أن الذي ذكر أن الرأس نقل إلى المدينة هم من العلماء والمؤرخين الذين يعتمد عليهم مثل الزبير بن بكار، صاحب كتاب الأنساب، ومحمد بن سعد كاتب الواقدي صاحب الطبقات، ونحوهما من المعروفين بالعلم والثقة والإطلاع، وهم أعلم بهذا الباب، وأصدق فيما ينقلونه من المجاهيل والكذابين، وبعض أهل التاريخ الذين لا يوثق بعلمهم، وقد يكون الرجل صادقاً، ولكن لا خبرة له بالأسانيد، حتى يميز بين المقبول والمردود، أو يكون سيئ الحفظ أو متهماً بالكذب أو بالتزيد في الرواية، كحال كثير من الأخباريين والمؤرخين”. وبذلك يكون رأس الحسين مقبوراً بجانب أمه فاطمة رضي الله عنها، وهو الموافق لما ثبت في الروايات من حسن تعامل يزيد مع آل الحسين، ثم هو الأقرب إلى الواقع الذي يملي على يزيد إرساله إلى المدينة ليقبر بجانب أمه رضي الله عنهما ) اهـ . ( مواقف المعارضة ، ص 306-325 بتصرف يسير وتهذيب ؛ مع ملاحظة حذف الهوامش إلا مالابد منه ؛ ومن أراد المزيد فليرجع لأصل الرسالة ) . 

سبب معركة كربلاء

محاولة لحقن الدماء وتوحيد الكلمة بعد سلسلة من الصراعات الداخلية بين المسلمين ابتداءً من فتنة مقتل عثمان إلى معركة الجمل ومعركة صفين وقد أثنى الكثير على هذه المبادرة وسمي العام الذي تم فيه الصلح «عام الجماعة». مبادرة الصلح والتنازل كانت مشروطة بعودة طريقة الخلافة إلى الحسن بن علي بن أبي طالب بعد موت معاوية.

X

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *